التوترات المرتبطة بالتجارة العالمية والتطورات التكنولوجية حول العالم ما زالت تتنامى وتتزايد، وعلى المجتمع الدولي – حسب الأمين العام للأمم المتحدة – أن "يبذل قصارى جهده" لمنع انقسام العالم إلى قطبين متنافسين، واحد بقيادة الولايات المتحدة وآخر بقيادة الصين
كانت هذه هي رسالة المسؤول الأممي الأرفع أنطونيو غوتيريش يوم السبت ، متحدثًا خلال الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في واشنطن العاصمة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة مخاطبا اللجنة النقدية والمالية الدولية إنه "خلال أوقات التوتر والاختبار" ظل يشعر بالقلق من احتمال حدوث انكسار" وتفكك كبير "مع تقسيم الاقتصادين الأكبرين للعالم إلى قسمين - لكل منهما هيمنته الخاصة، وعُملته وقواعده التجارية والمالية وشبكة إنترنت وقدرات ذكاء اصطناعي خاصة به، واستراتيجياته الجيوسياسية والعسكرية الصفرية" المنفصلة.
وكانت كريستينا جورجيفا، الرئيسة الجديدة لصندوق النقد الدولي، قد قالت إن حربا تجارية بين العملاقين الاقتصاديين تهدد بالقضاء على المكاسب المحققة في الاقتصاد العالمي، مما "قد يقلص العام المقبل كل الناتج المحلي الإجمالي للعالم إلى ما يعادل الاقتصاد الكلي لدولة سويسرا".
الأمين العام أردف بالقول مخاطبا الممولين العالميين إن "الأوان لم يفت بعد لتفادي" الانقسام غير أنه "يجب علينا أن نفعل كل شيء ممكن لتجنبه" وبالتالي "الحفاظ على اقتصاد عالمي مع احترام عالمي للقانون الدولي؛ عالم متعدد الأقطاب بمؤسسات قوية متعددة الأطراف، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي."
وأشار غوتيريش إلى ثلاثة مجالات رئيسية شديدة الأهمية لمستقبل السياسة المالية والاستثمار العالمي، أولها جعل الأنظمة الضريبية "أكثر ذكاءً، وأكثر مراعاة للبيئة، وأكثر توافقًا مع خطط التنمية المستدامة والعمل المناخي". وأضاف غوتيريش، ثانياً، ضرورة موضعة النظام المالي بأكمله وراء أهـداف التنمية المستدامة السبعة عشر وتحفيز التمويل العام والخاص طويل المدى لهذه الأهداف، وإعادة النظر في اللوائح في الأسواق المالية.
كما شدد الأمين العام في نقطته الثالثة والأخيرة على ضرورة اتباع نهج نظامي للإقراض والاقتراض بمسؤولية أكبر، وقال إن "الوقت قد حان الوقت لكسر دائرة التراكم المفرط للديون الذي أعقبته أزمات الديون المؤلمة".
ونادى الأمين العام بالتركيز على الدول الجزرية الصغيرة النامية، المعرضة بشكل خاص لآثار أزمة المناخ وأكد تأييده التام لمقترحات تحويل الديون إلى استثمارات في المرونة، مشيرا إلى مثال "مبادرة مبادلة الديون من أجل التكيف مع المناخ ".
"فرص عظيمة" في المستقبل ، للعمل المناخي
كما تحدث غوتيريش أمام اجتماع لائتلاف "وزراء المالية من أجل العمل المناخي" مشيدا بالمجموعة التي تضم 44 عضوا والتي بدأت قبل ستة أشهر فقط ، واصفا عملها بأنه كان "جزءا حيويا من استجابتنا لحالة الطوارئ المناخية".
وقال غوتيريش للمجتمعين إن قمة المناخ في الشهر الماضي في نيويورك أظهرت أن "العالم صار واعيا بالأزمة" مشيرا إلى "فرص كبيرة" أمامنا للحد من تلوث الهواء ، وتوفير مليارات الدولارات من الكوارث التي يغذيها الاحترار العالمي، ولإطلاق العنان للفوائد الحقيقية للاقتصاد الأخضر.
وعلى الرغم من "الفجوة الصارخة في الطموح والتمويل" قال غوتيريش إن بإمكان وزراء المالية تغيير هذا الاتجاه بمزيج من الأدوات، بما في ذلك "السياسة الضريبية والإنفاق الخاضع للرقابة المناخية، وإنهاء الدعم غير المفيد للوقود الأحفوري وتمهيد الطريق" نحو تحويل الضرائب من الدخل إلى الكربون.
وتقوم دول مثل السويد وكولومبيا بفرض ضرائب على الصناعات والاستثمارات المنتجة للكربون؛ بينما تنفذ أوغندا ميزانية بنظام يتتبع تأثيرات تغير المناخ، بينما استخدمت جزيرة دومينيكا سياسة مالية لتحسين التأهب لصدمات المناخ بعد إعصار مدمر تعرضت له.
وقال غوتيريش لوزراء المالية "إن ائتلافكم يتبنى نهجا يتضمن كامل أجزاء الحكومة وهو ما نحتاج إليه من أجل التغيير المنهجي. وبحلول اجتماع قمة المناخ القادم (COP26) علينا أن نكون قد أعددنا خرائط الطريق والسياسات المالية - للتحولات الاقتصادية والتكنولوجية والطاقة - على المستوى الدولي ".