احتضنت برلين أمس مراسم دينية خاصة خلال تسليم "جماجم وعظام وفروة رأس" للسلطات الناميبية تعود لقبيلتي "هيريرو" و"ناما". وقتل على الأقل 70 ألفا من أفراد القبيلتين ما بين 1904 و1908، وتم إرسال عظام الضحايا وخصوصا الجماجم إلى ألمانيا لإجراء تجارب علمية ذات طابع عرقي في مسعى لإثبات "تفوق العرق الأبيض".
وجاءت أغلبية الرفات من مجموعة أنتروبولوجية للمستشفى الجامعي في برلين. وتثير هذه المراسم غضب ممثلي الإثنيتين اللتين كان أفرادهما ضحايا لما يعتبره المؤرخون أول إبادة في القرن العشرين.
وقالت "إيستير أوتجيوا" وهي رئيسة مؤسسة "أوفا هيريرو جينوسيد"إن سلوك ألمانيا "يصدم"، معتبرة أن هذه المراسم كان يفترض أن تكون فرصة للبلاد لتقديم اعتذاراتها رسميا من أجل "بلسمة جروح معنوية".
وكانت سكرتيرة الدولة للسياسة الثقافية الدولية في وزارة الخارجية الألمانية "ميشال مونتيفيرينغ" التي ترأست الحفل، قد اعترفت خلال الأسبوع الجاري بأنه لا يزال على ألمانيا أن "تبذل جهدا كبيرا "لتحمل مسؤولية إرثها الاستعماري في هذه الأرض الإفريقية (1884-1915).
واعترفت الحكومة الألمانية بمسؤوليتها عن المجازر وقالت في2016 إنها تنوي تقديم اعتذارات رسمية في إطار مفاوضات مع ناميبيا.
من جهتها، قالت الوزيرة الناميبيبة "كاترينا هانسي هيماروا" في مؤتمر صحافي مشترك مع "مونتيفيرينغ" مساء الاثنين بأن تقديم "تعويضات واعتراف واعتذارات"هي شروط تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين ناميبيا وألمانيا.
ورفضت برلين حتى الآن دفع تعويضات مالية وفضلت مساهمات في شكل مساعدات تنموية. وتقول ألمانيا إنها دفعت مئات الملايين إلى ناميبيا منذ استقلالها عن جنوب أفريقيا في 1990.
لكن تلك الأموال هي موجهة إلى كامل البلاد برغم أن ،الضحايا هم فقط من قبائل "هيريرو" الذين يمثلون سبعة بالمئة من السكان حاليا مقابل40 بالمئة في بداية القرن العشرين، وكذلك قبائل "ناما".وقد بدأ ممثلوهم إجراءات قضائية في نيويورك للمطالبة بتعويضات لأحفاد الإثنيتين مباشرة.
70 ألف ضحية!
وكان أفراد قبيلة "هيريرو" قد حرموا من أراضيهم وماشيتهم وتمردوا على الألمان في 1904، ما أدى إلى مقتل حوالي مئة من المستوطنين. وأمر الجنرال الألماني "لوتار فوت تروتا" الذي أرسل لسحقهم، بالقضاء عليهم. وبعد عام تمرد أفراد قبيلة "ناما" ولقوا المصير نفسه.
وقتل على الأقل 60 ألفا من قبائل "هيريرو" وعشرة آلاف من "الناما" في الفترة ما بين 1904 و1908. ولم تتوان القوات الاستعمارية الألمانية عن الإبادة، من ارتكاب مجازر جماعية إلى نفي آلاف النساء والرجال والأطفال إلى الصحراء حيث ماتوا عطشا، وإقامة معسكرات اعتقال مثل السجن الشهير شارك آيلاند.
وأرسلت عظام الضحايا، وخصوصا الجماجم، إلى ألمانيا لإجراء تجارب علمية ذات طابع عرقي.وكان الطبيب أوجين فيشر الذي عمل في معتقل "شارك آيلاند" وتأثر أدولف هتلر بكتاباته، يسعى إلى إثبات "تفوق العرق الأبيض!".
ويطالب المؤرخ كريستيان كوب الذي يعمل في المنظمة غير الحكومية "لا تقادم لجرائم الإبادة" بكشف عدد العظام التي جاءت من ناميبيا والمستعمرات الألمانية السابقة وما زالت موجودة في ألمانيا. واعتبر أن "لا شفافية في هذا الشأن".