ملايين الأطفال في سوريا ظلوا عالقين في نزاع طويل الأمد وشديد الكثافة، ولا يزالون يعانون من مستويات مروعة من العنف، من شأنها أن تؤثر على أجيال قادمة، مع وجود دعم قليل متوفر للناجين.
هذا ما كشف عنه التقرير الثالث حول حالة الأطفال والنزاع المسلح في الجمهورية العربية السورية والذي يغطي الفترة الواقعة بين 1 تموز/يوليو 2018 و30 حزيران/يونيو 2020.
وقد ركز التقرير على الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في سوريا، وقدم توصيات تهدف لإنهاء ومنع ارتكاب الانتهاكات، ودعا لتحسين الحماية المتوفرة لهم.
وفي بيان، قالت ممثلة الأمم المتحدة الخاصة بالأطفال والصراع المسلح، فيرجينيا غامبا: "في سوريا، جميع الأطفال دون سن 10 عاشوا كامل حياتهم في بلد مزقته النزاعات. لم يعرفوا سوى الحرب"، وحذرت من عواقب التعرض للعنف لفترة طويلة وللانتهاكات وإساءة استخدام حقوقهم.
وقالت: "من الأهمية بمكان إعطاء الأولوية لحقوق واحتياجات هؤلاء الفتيان والفتيات، بما في ذلك محادثات السلام، لتجنب ضياع جيل".
أشار التقرير إلى أن قتل الأطفال وتشويههم وتجنيدهم واستخدامهم كان من أكثر الانتهاكات الجسيمة انتشارا التي تم التحقق منها:
أكثر من 2,700 طفل قُتلوا أو شوّهوا بين تموز/يوليو 2018 وحزيران/يونيو 2020، بفعل الضربات الجوية والمتفجرات من مخلفات الحرب والقصف البري العشوائي للمناطق المأهولة بالسكان المدنيين.
تم تجنيد أو استخدام أكثر من 1,400 طفل من قبل 25 طرفا على الأقل من أطراف النزاع.
وسلط التقرير الضوء على التجنيد عبر الوطني "الذي يثير القلق بشكل خاص"، حيث تم تجنيد الأطفال وتدريبهم في سوريا قبل تهريبهم إلى ليبيا للمشاركة في الأعمال العدائية، جميعهم على يد مجموعات مسلحة.
وفقا للتقرير، كانت الهجمات على المستشفيات والمدارس ثالث انتهاك تم التحقق منه، فقد وقعت 236 هجمة على المدارس و135 اعتداء على مرافق طبية، مما أثر على أنظمة الرعاية الصحية والتعليمية الهشة بالفعل.
وتواصل حرمان الأطفال من حريتهم بسبب ارتباطهم المزعوم أو الفعلي بأطراف النزاع، مع التحقق من 258 حالة. وذكرت فيرجينيا غامبا أنه يجب معاملة الأطفال على أنهم ضحايا، واستخدام الاحتجاز كآخر وسيلة ولأقصر مدة ممكنة.
كما فاقمت جائحة كـوفيد-19 من ضعف الأطفال وأعاقت عمل الجهات الإنسانية والجهات الفاعلة في مجال حماية الطفل في الميدان. ويُعتقد أن العدد الفعلي للانتهاكات الجسيمة أعلى من الـ 4,724 انتهاكا الذي تم التحقق منه في التقرير. ووجد التقرير أن عددا أعلى من أطراف النزاع (32 طرفا على الأقل) مسؤول عن تلك الانتهاكات.
تطرق التقرير إلى الوضع الإنساني في مخيمي الهول والروج، حيث يبقى الوضع في المخيمين مقلقا بشكل بالغ بالنسبة لـ 65,400 شخص هناك، الغالبية الساحقة منهم نساء وأطفال. و11 ألف امرأة وطفل هم من الأجانب، بينهم على الأقل 960 طفلا غير مصحوب وأطفال انفصلوا عن أسرهم.
وقالت غامبا: "يجب على الدول أن تسهل إعادة الأطفال الأجانب لدولهم الأصلية وتضع ذلك كأولوية، بما يتماشى مع المصالح الفضلى للطفل".
ومن الانتهاكات الجسيمة الأخرى التي رصدها التقرير، وقوع 46 هجمة تأثر بسببها 37 مرفقا من مرافق المياه في ستة أشهر عام 2019، جميعها - سوى واحدة منها – وقعت في شمال غرب سوريا. وأثرت هذه الحوادث على الوصول إلى مياه نظيفة لأكثر من 700 ألف شخص.
وشدد التقرير على أن سوريا تظل مكانا خطيرا للجهات الإنسانية الفاعلة ولتوصيل المساعدات المنقذة للحياة، حيث تم التحقق من 137 حادثة مُنع خلالها وصول المساعدات الإنسانية، وهو ما شكل تحديات أمام رصد الانتهاكات والتحقق منها.
شددت الممثلة الخاصة على أهمية دعم الأطفال لمعالجة الآثار طويلة المدى للنزاع على رفاههم البدني والعقلي. وكررت دعوة الأمين العام العاجلة إلى جميع الأطراف للامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، ودعت السيدة فيرجينيا غامبا الأطراف، ومن لهم نفوذ عليها، إلى اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة على الفور لحماية الأطفال في سوريا بشكل أفضل والتأكد من أنها جزء أساسي من المناقشات الجارية وعملية السلام.
وذكر التقرير أن لجنة مشتركة بين الوزارات أنشئت، بدعم من الأمم المتحدة، كي تعد خطة وطنية لتنفيذ توصيات لجنة حقوق الطفل حيث قدمت اللجنة توصيات مصممة خصيصا للحكومة لمنع انخراط الأطفال في النزاعات المسلحة.