أفادت دراسة صدرت حديثا أن 20% من الطلاب في سويسرا يبلغون عن معاناتهم من مشاكل صحية مزمنة أكثر من بقية الفئات السكانية. هل سبب ذلك: ضغوط الدراسة أم الضائقة المالية؟
تشير الدراسة التي كشف المكتب الفدرالي للإحصاء عن نتائجها بداية الاسبوع الماضي أن أكثر المشاكل المزعجة التي يذكرها هؤلاء الطلاب هي الأمراض المزمنة (41%)، والأمراض العقلية (26%). ثم تأتي في مستوى أدنى مشكلات التعلّم، وعوائق النظر والسماع، ومشكلات التنقل والحركة (جميعها 5% أو أدنى).
ويترافق هذا الشعور بالقلق لدى الطلاب بشأن أوضاعهم الصحية مع أوضاعهم المالية الصعبة، وفق نتائج هذه الدراسة. وقال واحد من كل عشر طلاب شاركوا في هذا المسح أن وضعهم الصحي يؤثّر على دراستهم. وأن نصف عدد المشاركين اشتكوا من ظروفهم المالية الصعبة (59%)، نسبة تزيد عن المعدّل العام المسجّل ضمن فئة الطلاب عموما (43%). كذلك عبّر 20% من المشاركين عن عدم رضاهم عن علاقاتهم الاجتماعية، أي ضعف النسبة التي سجّلت في عام 2016.
يوجد لدى الطلاب الذكور ميلا أكبر إلى القول إن صحتهم كانت جيّدة أو جيّدة جدا (81%) مقارنة بزميلاتهم من الطالبات (73%)، لكن بشكل عام، يعتبر الطلاب أن صحتهم أسوأ من صحة نظرائهم من بقية الشباب. وتشير نتائج هذه الدراسة إلى أن 77% فقط من الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و35 عاما قالوا إن صحتهم جيّدة أو جيّدة جدا، مقارنة ب 94% من عموم السكان الذين هم من نفس الفئة العمرية.
يرجع سبب هذه الظاهرة وفق المكتب الفدرالي للإحصاء إلى كون حوالي ثلاثة أرباع الطلاب يعملون بالتزامن مع الدراسة، أي أنهم يتحملون عبءً مضاعفا. فضلا عن أنهم يعانون أكثر من غيرهم من الفئات السكانية من الحرمان المادي حيث يكون دخلهم المادي أقلّ من غيرهم. وهم عموما أقلّ رضاءً عن ذلك.
رغم ذلك، لا يبدو وضع الطلاب في سويسرا سيئا كثيرا مقارنة ببعض البلدان الأوروبية الاخرى.
ووفق بيانات تضمنتها دراسة المكتب الفدرالي للإحصاء، تبدو نسبة ال 18% من الطلاب الذين يعانون من مشكلات صحية مزمنة لا تختلف كثيرا عن المعدل العام المسجل على المستوى الأوروبي.
وثار جدل كبير في بريطانيا-غير ممثلة في البيانات التي تضمنتها الدراسة-أخيرا حول الصحة العقلية للطلاب البريطانيين ومخاطر الميل إلى الانتحار، وحول ما إذا كان الطلاب يحصلون فعلا على الدعم الكافي من الجهات الحكومية المعنية.
كذلك أشارت الدراسة السويسرية إلى أن الاختلافات بين البلدان قد تكون بسبب عوامل مثل متوسط عمر الطلاب، إذ بشكل عام كلما كان الطالب أكبر سنا، زادت لديه المشكلات الصحية. كما يمكن أن تكون هناك عوامل أخرى من بينها الاختلاف في الوعي ببعض المشكلات الصحية على المستوى الوطني، وأيضا النهج المتبع في إدماج الاشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة في مؤسسات التعليم العالي، والاختلافات الثقافية والاجتماعية حول ما يعتبر مشكلة صحية مزمنة من عدمها.
وقالت السكرتيرة العامة لرابطة الجامعات السويسرية مارتينا فايس: "إن الدراسة مرحلة من الحياة تتطلّب الكثير من الجهود وتلقي على كاهل الطالب الكثير من الالتزامات، وتستغرق الوقت الكثير من حياته". ثم تضيف: "تسمح مقررات البرامج الدراسية المرنة التي تعتمدها بعض الجامعات من مراعاة قدرة الطلاب الذي يعملون بالتوازي مع الدراسة، وكذلك الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، باستكمال دراساتهم دون تحمّل أي عبء إضافي يضرّ بصحتهم الجسمية والعقلية".