خلال العقود الماضية، نجحت مصر في زيادة إمدادات الغذاء على المستوى الوطني، إلا أن معالجة سوء التغذية لا تزال تشكل واحدة من التحديات الرئيسية التي تواجه التنمية. وهناك وجهان من سوء التغذية وهما: فرط التغذية وقلة التغذية مع نقص المغذيات الدقيقة، الأمر الذي يضع مصر في مواجهة "عبء ثلاثي" من سوء التغذية، بما يترتب عليه من تكلفة اقتصادية وإنسانية.
وتبلغ نسبة التقزم، أي قصر القامة بالنسبة للعمر، أكثر من 20%، كما أن زيادة الوزن والبدانة بين البالغين تصل إلى معدلات مقلقة وتتزايد بين الأطفال. وما زال فقر الدم يمثل مشكلة صحة عامة بين الأطفال والنساء في سن الإنجاب.
ولهذا تبنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) ووزارة الزراعة والإصلاح الزراعي مشروعاً أطلقت عليه اسم "تحسين الأمن الغذائي والتغذية في مصر باستهداف النساء والشباب" تم خلاله دمج الوعي التغذوي مع الإنتاج الغذائي وأنشطة توليد الدخل.
يستهدف مشروع تحسين الأمن الغذائي الذي تتبناه منظمة الأغذية والزراعة الفاو في مصر النساء والشباب، بالتعاون مع الحكومة المصرية، لخلق بيئة آمنة غذائيا يتمكن خلالها النساء والشباب من الحصول على الغذاء الكافي والمتنوع من خلال المدارس الحقلية الزراعية، كما يقول ممثل منظمة الفاو في مصر الدكتور حسين جادين، الذي يوضح:"قمنا بتطوير مدارس حقلية حياتية لشباب المزارعين حتى يتعرفوا على الممارسات الزراعية الجيدة التي تمكنهم من إنتاج طعام صحي، وهذا الطعام ليس بالضرورة أن يتم إنتاجه في الحقل فقط، إذ نتيح للمزارع وللسيدة التي لا تملك أرضا أن تنتج طعاما من خلال زراعة أسطح المنازل والحدائق المنزلية".
ويتم تطبيق مشروع تحسين الأمن الغذائي والتغذية في مصر في خمس محافظات هي أسيوط، أسوان، بني سويف، الفيوم، وسوهاج.
ويقول المهندس كيرلس جورج، أحد مشرفي المشروع بمديرية الزراعة بمحافظة بني سويف، إن المشروع يعمل على تحسين مهارات النساء والشباب في إنتاج الطعام بزراعة أسطح المنازل بمحاصيل ذات جودة غذائية كبيرة.
ويوضح: تتمثل منتجات زراعة الأسطح في منتجات زراعية وطبية وعطرية ونباتات زينة وأشجار فاكهة مثمرة. ويتم توزيع تلك المنتجات على المتدربات لاستخدامها في المطبخ التغذوي لتصنيع منتجات غذائية صحية وآمنة.
وينطلق مشروع تحسين الأمن الغذائي الذي تتبناه منظمة الفاو في مصر من ثلاث استراتيجيات رئيسية وهي: السلوك التغذوي والصحي السليم، وإنتاج الغذاء في المنازل، وبناء القدرات لتحسين الأمن الغذائي والتغذية لدى الأسر، وذلك بهدف مواجهة سوء التغذية، خاصة في صعيد مصر.
وتقول منال جابر مدربة التصنيع التغذوي بالمشروع:
"من واقع معلوماتنا تعد قرى الصعيد من أكثر القرى التي تعاني سوءا في التغذية. وهناك نسبة مرتفعة للأنيميا عند الأطفال، ولذا حرصنا على تغيير السوك الغذائي، فقمنا بإنتاج وجبات متكاملة للأطفال".