"حوالي 60 في المائة من السكان السوريين، أي 12.4 مليون شخص، لا يحصلون بانتظام على ما يكفي من الغذاء الآمن والمغذي". هذا ما أفاد به صباح أمس الأول، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، أمام مجلس الأمن الدولي حيث أشار إلى أن 4.5 مليون شخص إضافي انزلقوا إلى هذه الفئة خلال العام الماضي.
قد تكون الزيادة في الأرقام صادمة، بحسب لوكوك، لكن لا يمكن القول إنها مفاجئة.
فقد عانى الاقتصاد السوري الهش من صدمات متعددة خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية. وكان الانخفاض الكبير في قيمة الليرة السورية، التي فقدت أكثر من ثلاثة أرباع قيمتها خلال العام الماضي، أحد الآثار المرئية لارتفاع عدد المعوزين.
والنتيجة هي أن ملايين السوريين يلجأون إلى إجراءات يائسة من أجل البقاء على قيد الحياة.
يقول أكثر من 70 في المائة من السوريين إنهم استدانوا المال مجددا العام الماضي. كثير منهم يبيعون أصولهم وماشيتهم. ويأكل الأهل كميات أقل حتى يتمكنوا من إطعام أطفالهم، كما أنهم يرسلونهم للعمل بدلاً من المدرسة.
"أولئك الذين نفدت خياراتهم يعانون ببساطة من الجوع"، قال لوكوك، مشيرا إلى أن أكثر من نصف مليون طفل دون سن الخامسة في سوريا يعانون من التقزم نتيجة سوء التغذية المزمن، وفقا لآخر تقييم قام به مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، معربا عن خشيته من أن يزداد هذا العدد.
وقال وكيل الأمين العام إن هذه المشاكل تظهر في أجزاء كثيرة من البلاد ولكن الوضع سيء بشكل خاص في الشمال الغربي والشمال الشرقي، حيث تظهر بيانات مراقبة التغذية أن ما يصل إلى واحد من بين كل ثلاثة أطفال في بعض المناطق يعاني من التقزم. "تأثير ذلك على تطورهم وتعليمهم سيكون مدى الحياة ولا رجعة فيه".
وذكر لوكوك أنه تحدث الأسبوع الماضي مع مجموعة من الأطباء السوريين. وقد أخبره طبيب يعمل في مستشفى للأطفال أنه من بين 80 سريرا للمرضى، يشغل نصفها أطفال يعانون من سوء التغذية. وقد لقي خمسة أطفال حتفهم في مستشفاه نتيجة لسوء التغذية في الشهرين الماضيين.
كما أخبرته طبيبة أطفال أخرى أنها تشخص سوء التغذية لدى ما يصل إلى 20 طفلاً في اليوم. لكن الأهالي يجلبون أطفالهم إليها لأسباب مختلفة تماما، غير مدركين أنهم يعانون من سوء التغذية.
وقالت إن "سوء التغذية أصبح أمرا طبيعيا لدرجة أن الأهالي لا يستطيعون اكتشاف علاماته لدى أطفالهم".