رغم المعارضة الشديدة التي أبداها المحافظون في فرنسا لا سيما رجال الدين وشق من اليمين، صادق البرلمان الفرنسي الثلاثاء وبشكل نهائي على قانون "أخلاقيات البيولوجيا" الذي يفتح باب "الإنجاب بمساعدة طبية" للنساء المثليات والعازبات.
وصوت 326 نائبا لصالح هذا القانون وعارضه 115 في حين امتنع 42 عن التصويت. وتأتي هذه المصادقة بعد الجدال الواسع عبر البلاد، وحتى المواجهات، وسنتين من الأخذ والرد في الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ.
وجدير بالذكر أن حق "الإنجاب بمساعدة طبية" في فرنسا كان مكفولا فقط للنساء المتزوجات من ذكر ويعانين من مشكلة الإنجاب. وهذا الأمر كان يدفع النساء العازبات والمثليات إلى السفر إلى دول أجنبية حيث الإنجاب بمساعدة طبية مسموح به، وتتيح العملية دول أوروبية عديدة هي: السويد وفنلندا والدانمارك وبريطانيا وإيرلندا وبلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ وإسبانيا والبرتغال.
وكان توسيع نطاق هذا الحق في الإنجاب من الوعود التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون خلال حملته الانتخابية، وقد انتظرته لسنوات طويلة الجمعيات المدافعة عن حقوق المثليين. ويسمح القانون الذي صادق عليه البرلمان الفرنسي لجميع النساء اللجوء إلى الإنجاب بمساعدة طبية شرط ألا يتجاوز عمرها 43 عاما.
فيما شدد نص القانون على "عدم وجود أية تفرقة بين النساء وذلك مهما كانت توجهاتهن الجنسية أو حالتهن العائلية"، لكن في نفس الوقت القانون لا يزال يمنع عملية إنجاب الأطفال لصالح نساء أخريات.
وكانت الجمعية الوطنية الفرنسية قد صادقت على هذا القانون في قراءة أولى في أغسطس/آب 2020 قبل أن تجري تعديلات عليه بطلب من أعضاء مجلس الشيوخ الذي تسيطر عليه الأغلبية اليمينية. هذه الأغلبية قامت بتحديد حق استرداد التكاليف من الضمان الاجتماعي لصالح الأزواج المختلفي الجنس والذين يلجؤون إلى عملية الإنجاب بمساعدة طبية فقط.
إقرار الصيغة النهائية بـ326 صوتا مقابل 115
وعلق أدريان تاكي، كاتب الدولة المكلف بحماية الطفولة والعائلات على النص قائلا "هذا القانون الجديد ينبثق من نص متوازن وطموح ومسؤول" مضيفا "منح حقوق وأوجه حماية جديدة للنساء هي بمثابة علامة سياسة تتميز بالتقدم وتحافظ على روح الإنجازات والمكاسب". فإثر نقاشات برلمانية امتدت لحوالي سنتين، أقر البرلمان الفرنسي مشروع القانون هذا بأكثرية 326 صوتا مؤيدا في مقابل 115 معارضا وامتناع 42 عن التصويت.
وفي خطوة تهدف إلى احترام حق كل طفل في معرفة والده البيولوجي والحقيقي، يسمح القانون الجديد لكل شخص ولد بواسطة "الإنجاب بمساعدة طبية" أن يحصل على جميع المعطيات السرية وعلى هوية الشخص الذي تبرع بسائله المنوي" شريطة أن يكون في سن البلوغ.
كما يتناول القانون الجديد مواضيع أخرى، من بينها موضوع الحفاظ على البويضات أو التبرع بالخلايا التناسلية؟
فلاسفة ينددون بقانون يفتح "الباب لأوهام"
وفي مقال نشر في جريدة "لوموند" تأسف عدة فلاسفة فرنسيين، من بينهم النائب في البرلمان الأوروبي فرانسوا كزافييه بلامي، المرشح السابق لليمين في الانتخابات الأوروبية وأحد وجوه المعارضة لقانون "زواج المثليين" الذي تمت المصادقة عليه في 2013، استحواذ قانون "الإنجاب بمساعدة طبية" الجدل في فرنسا.
وجاء في الانتقادات "لم يتم تقييم خطورة ما يدور اليوم (تمرير القانون الذي يسمح بالإنجاب بمساعدة طبية) بشكل كاف"، محذرين أن يفتح هذا القانون "الباب لأوهام قد تمزج بين الرجل والحيوان وبين الأجنة جينات؟ والتعديلات الوراثية أو "الأطفال الذين يولدون بفضل الأدوية".