تميز شهر يناير/كانون الثاني بطقس شديد التطرف في العديد من أنحاء العالم، بما في ذلك البرد الشديد والخطير في أميركا الشمالية، وتسجيل درجات حرارة قياسية وحرائق الغابات في أستراليا، والحرارة المرتفعة والأمطار في أجزاء من أميركا الجنوبية، والثلوج الغزيرة في جبال الألب والهملايا.
فوفق دائرة الأرصاد الجوية الوطنية الأميركية، اكتنفت موجة هواء شديدة البرودة قادمة من القطب الشمالي أجزاء كبيرة من أميركا الشمالية. ومع هبوب الرياح العاصفة الخطيرة التي اجتاحت جزءا كبيرا من شمال وسط وشمال شرق الولايات المتحدة الأميركية، كانت درجات البرودة أقل بكثير من المتوسط.
ففي جنوب ولاية مينيسوتا على سبيل المثال، بلغت درجة البرودة 54 درجة مئوية تحت الصفر في 30 يناير، فيما كان متوسط درجة الحرارة الصغرى في البلاد عند سالب 49 درجة مئوية.
وأدت موجة البرد هذه إلى مصرع 21 شخصا على الأقل في الولايات المتحدة، كما أفادت الأنباء، من بينهم طالب في جامعة أيوا يبلغ من العمر 18 عاما تجمد حتى الموت عندما تجول خارج مسكنه بالمدينة الجامعية. وقد أُغلقت المدارس والمصانع في العديد من الولايات، وتم تعليق خدمات البريد، وأصدرت السلطات المحلية تحذيرات للسكان بالبقاء في منازلهم.
الدوامة القطبية تكتنف أجزاء واسعة من أميركا الشمالية
وتعزي المنظمة العالمية للأرصاد الجوية درجات الحرارة شديدة البرودة إلى ما يعرف بالدوامة القطبية. وهي منطقة كبيرة من الضغط المنخفض والهواء البارد تحيط بالقطب الشمالي، مع رياح قوية تدور في اتجاه عقارب الساعة تعرف بالتيار النفاث الذي يحبس البرد حول القطب. ومن آن لآخر تؤدي الاضطرابات في التيار النفاث إلى تغيير في ديناميكيات الدوامة القطبية، مما يرسل هواء القطب الشمالي جنوبا ويجلب هواء أكثر دفئا إلى القطب الشمالي.
وتشهد الآن مناطق شرق الولايات المتحدة وأجزاء من كندا درجات حرارة باردة بشكل قياسي، بينما كانت آلاسكا وأجزاء كبيرة من القطب الشمالي أكثر دفئا من المتوسط.
وهذه ليست ظاهرة جديدة، كما أشارت المنظمة في بيان صحفي، على الرغم من وجود بحوث متزايدة حول كيفية تأثرها بتغير المناخ. وفي هذا الشأن يشير الأمين العام للمنظمة بيتيري تالاس إلى أن "الطقس البارد في شرق الولايات المتحدة لا يدحض بالتأكيد تغير المناخ" والاحتباس الحراري. وقال: "درجات الحرارة المتجمدة والثلوج ستظل جزءا من أنماط الطقس المعتادة في فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي. نحن بحاجة إلى التمييز بين الطقس اليومي قصير المدى والمناخ طويل الأمد."
وأوضح تالاس أن ذوبان جزء كبير من الثلج والجليد في القطب الشمالي وما يتبعه من ارتفاع في درجة الحرارة هناك، يؤثر على أنماط الطقس خارج القطب الشمالي في نصف الكرة الشمالي. "فما يحدث في القطبين لا يبقى في القطبين، لكنه يؤثر على أحوال الطقس والمناخ في مناطق العرض الدنيا حيث يعيش مئات الملايين من الناس،" حسبما قال كبير خبراء منظمة الأرصاد الجوية.
عواصف شديدة في شرق المتوسط وعواصف ترابية في المنطقة العربية
وخلال شهر يناير أيضا، ضربت العواصف الشتوية الشديدة منطقة شرق البحر المتوسط وأجزاء من الشرق الأوسط، مع تأثيرات شديدة بشكل خاص على الفئات الضعيفة من السكان بما في ذلك اللاجئون.
وفي المنطقة العربية، تسببت الموجة الباردة في الأسبوع الثالث من يناير، التي اجتاحت جنوب شبه الجزيرة العربية، وجلبت عاصفة ترابية واسعة النطاق من مصر إلى السعودية والبحرين وقطر وإيران والإمارات العربية المتحدة، واستمرت حتى في باكستان وشمال غرب الهند بأمطار غزيرة.
مستويات قياسية من الثلوج والأمطار في أوروبا
وفي أوروبا، شهدت أجزاء من جبال الألب تساقط مستويات قياسية للثلوج في وقت سابق من يناير؛ حيث سجلت منطقة تيرول بالنمسا أكثر من 451 سم من الثلج في أول 15 يوما من الشهر، وهو حدث متوقع إحصائيا مرة واحدة فقط كل قرن.
كما أصدرت خدمة الطقس الألمانية عددا من تحذيرات الطقس الثلجي والشتوي عالية المستوى. وتشير التوقعات المناخية إلى أن هطول الأمطار في فصل الشتاء في ألمانيا من المتوقع أن يكون أكثر حدة.
نصف الكرة الجنوبي، درجات حرارة تصل الـ 50 وحرائق الغابات في أستراليا
وعلى النقيض مما يشهده نصف الكرة الشمالي، سجلت أستراليا شهر يناير الأكثر دفئا، وفقا لمكتب الأرصاد الجوية التابع لها، بسلسلة جديدة من موجات الحرارة لم يسبق لها مثيل، لا في حجمها ولا مدتها.
وتشير البيانات إلى أن أستراليا شهدت فترة طويلة غير عادية من موجات الحر بدأت في أوائل ديسمبر 2018 واستمرت حتى يناير 2019. وبلغت درجات الحرارة أرقاما قياسية، لا سيما في جنوب البلاد حيث بلغت 49 درجة مئوية في بعض المناطق، وفقا لمكتب الأرصاد الجوية الأسترالي. وارتفعت درجة الحرارة السنوية لأستراليا بما يزيد قليلا عن درجة مئوية منذ عام 1910، وفقا لمكتب الأرصاد الجوية.
وقد أدت الظروف شديدة السخونة والجفاف إلى حدوث حرائق كبيرة في أقصى جنوب أستراليا منذ منتصف يناير. وذكرت وسائل الإعلام أن الدخان الناجم عن بعض الحرائق كان مرئيا في نيوزيلندا.
وفي أماكن أخرى في نصف الكرة الجنوبي، تحطمت أرقام الحرارة القياسية المسجلة في تشيلي، لتبلغ رقما قياسيا جديدا في العاصمة سانتياغو التي سجلت 38.3 درجة مئوية يوم 26 يناير. وفي أجزاء أخرى من وسط البلاد، تجاوزت درجات الحرارة 40 درجة مئوية.
كما تعرضت الأرجنتين لموجة حارة، أدت إلى إصدار الحكومة عددا من التحذيرات حول درجات الحرارة المرتفعة. وتعرض شمال شرق الأرجنتين، والأجزاء المتاخمة من باراجواي وأوروغواي والبرازيل، لفيضانات واسعة، مع متوسط هطول للأمطار حطم الرقم القياسي السابق.
وفي الجنوب الأفريقي، هبط الإعصار الاستوائي ديسموند في موزامبيق في 22 يناير، مما تسبب في حدوث رياح عاتية وتسبب في فيضانات في مدينة بيرا وزيادة هطول الأمطار في مدغشقر وملاوي.