ذكر تقرير صادر عن الأمم المتحدة اليوم أن الطفرة الهائلة في طلبات براءات الاختراع في مجال الذكاء الاصطناعي في السنوات الخمس الأخيرة تشير إلى أن العالم سيشهد قريبا ثورة في جميع مجالات الحياة اليومية، وليس فقط في عالم التكنولوجيا.
ووفقا لتقرير "اتجاهات التكنولوجيا – الذكاء الاصطناعي" الذي أصدرته المنظمة العالمية للملكية الفكرية فإن 50 % من جميع براءات اختراع الذكاء الاصطناعي كانت في مجال "إعادة إنتاج الذكاء البشري بواسطة الآلات"، لاستخدامها مثلا في مجالات النقل والرعاية الصحية. وحسب المنظمة فإنه قد مُنح أكثر من 170 ألف براءة اختراع في هذا المجال منذ عام 2013.
ومع إصدار التقرير في جنيف اليوم، قال المدير العام للمنظمة العالمية التابعة للأمم المتحدة فرانسيس غري إن هذه معلومات "مذهلة". وأشار إلى أن أبحاث الذكاء الاصطناعي بدأت منذ خمسينات القرن المنصرم، وقال "لكننا شهدنا منذ عام 2013 طفرة نوعية، لذلك ندرك أننا نتعامل مع تطورات تحدث الآن، في مجال سريع الحركة."
الآلات صارت "تتعلم بعمق"
يشير الطلب على براءات اختراع تقنيات "التعلُّم الآلي" إلى أن هذه الظاهرة هي الأوسع انتشارا في مجال الذكاء الاصطناعي، بتطبيقات لهذه التقنية تدخل في خدمات "مشاركة استقلال المركبات" لتقليل الازدحام والتحويلات في الحركة.
لكنَّ الأسرع نموا في المجال هو ما يسمى بـ "التعلُّم العميق" والذي يستخدم في تقنية التعرف على مضمون الكلام، وتعليم الآلات. وقد شهدت البراءات من هذا النوع ارتفاعا بنسبة 175% من مجمل طلبات البراءات من عام 2013 إلى عام 2016.
الولايات المتحدة والصين على رأس القائمة
ويشير التقرير العالمي إلى أن الطلبات المقدمة من الولايات المتحدة والصين هي الأعلى من بين دول العالم، وذلك على الرغم من أنه لا يتم إيداع سوى جزء محدود جدا من طلبات براءات الاختراع الصينية في الخارج.
وتأتي شركة آي بي إم للتكنولوجيا في على رأس قائمة الطلبات بعدد 8290 براءة اختراع، تليها شركة مايكروسفت بعدد 5930 براءة، والشركتان من الولايات المتحدة. وتليهما الشركة اليابانية توشيبا (5223 براءة) وبعدها شركة سامسونغ الكورية (5102) ومجموعة "إن إي سي" اليابانية 4406".
وكذلك يتضح الدور المتزايد الأهمية للصين، إذ إن 17 من أفضل 20 جهة أكاديمية في مجال تسجيل براءات الاختراع هي صينية ـ بالإضافة إلى 10 من بين أفضل 20 منشورا علميا ذي صلة بالمنظمة.
الاستخدامات العسكرية والاقتصادية الرئيسية للذكاء الاصطناعي
ومن المتوقع أن تنمو "الاستخدامات العسكرية والاقتصادية" للذكاء الاصطناعي بشكل ضخم في السنوات القادمة، حسب قول فرانسيس غري. وأشار المدير العام للمنظمة إلى أهمية أن تدور مناقشات تقودها المنظمة العالمية للملكية الفكرية بين الدول الأعضاء، بشأن القضايا القانونية والأخلاقية المتعلقة التي تثيرها هذه التكنولوجيا.
وقال: "يتوقع المرء أن يتحول التركيز الاستراتيجي للاعبين الرئيسيين في السياسة العالمية إلى هذا الموضوع المتعلق بالذكاء الاصطناعي".
وبالإضافة إلى ارتفاع عدد سكان الولايات المتحدة والصين، أشار المدير العام للمنظمة إلى أهمية الدعم الذي تقدمه هاتان الدولتان للابتكار في بلادهما، والذي يتضمن الاستثمار في مراكز التكنولوجيا وحتى تدريب موظفي البراءات المتخصصين. وأضاف، ومع هذا الدعم الضخم "من الصعب جدا على البلدان الأخرى، حتى تلك التي تمتلك تعليما عظيما، أن تتنافس مع الشركات والهندسة والاستثمار في المواهب" الذي نجده في الصين والولايات المتحدة.
التنوع اللغوي الأوروبي قد يكون "عقبة أمام التعلم الآلي"
كما أشار المدير العام للمنظمة إلى أن التنوع الثقافي واللغوي لأوروبا "لا يساعد بالضرورة في تشكيل مجموعات البيانات الرئيسية. ونحن نعلم جميعا أنه كلما أدخلت المزيد من البيانات (المعلوماتية) بالنسبة للتعلم الآلي مثلا، تكون النتائج التي ستحصل عليها أفضل."
ويقدم هذا التقرير، الأول من سلسلة "الاتجاهات التكنولوجية"، توقعات قائمة على البيانات بهدف توفير المعلومات لراسمي السياسات حول مستقبل الذكاء الاصطناعي. ويحلل التقرير البيانات الواردة في طلبات البراءات وفي المنشورات العلمية المتصلة بها، لتقدم فهما جديدا لآخر الاتجاهات السائدة في هذا الحقل.
وحسب التقرير فإن التطور في هذا المجال ينبئ بتحول مستقبلي قريب، في كل جوانب الحياة والعمل. ويقول التقرير إنه واستنادا إلى الحقائق الماثلة، صار خلق "فهم مشترك" لمسألة الذكاء الاصطناعي "أمرا حاسم الأهمية،" من أجل جني أقصى الفوائد منه.