.. the life is Nice ..
 

مليار شخص في العالم بلا هوية

لاجئون يصطفون أمام مركز التسجيل التابع لمفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين في طرابلس بلبنان
إن إثبات الهوية شرط لا غنى عنه في جميع جوانب الحياة الحديثة تقريبا من الحصول على وظيفة إلى فتح حساب مصرفي، والسفر، والتصويت والحصول على الرعاية الصحية والمساعدات الاجتماعية. ورغم ذلك، تذهب تقديرات مبادرة الهوية من أجل التنمية التي أطلقها البنك الدولي إلى أن هناك نحو مليار شخص في العالم يعانون أشدّ المعاناة لإثبات هويتهم- وكانت النساء والأطفال الأكثر تأثرا. وكشف مؤشر مبادرة الهوية من أجل التنمية / الشمول المالي 2017 أن هناك فجوات كبيرة بين الجنسين في الحصول على بطاقة للهوية بخاصة في الاقتصادات منخفضة الدخل حيث لا تمتلك ما يقرب من 45% من النساء البالغات مقارنة بنسبة 28% من الرجال بطاقة هوية وطنية أو أي وثيقة هوية أساسية مماثلة.
يتناول البحث المعنون إتاحة الهوية للجميع: العقبات القانونية القائمة على نوع الجنس أمام المرأة والإصلاحات الجيدة النطاق العالمي للعوائق التنظيمية والتشريعية التي تحول دون حصول المرأة على بطاقات هوية وتأثير ذلك. وينظر على وجه الخصوص في أربعة جوانب من وثائق إثبات الهوية وهي: بطاقات الهوية الوطنية، وجوازات السفر، وتسجيل المواليد واستخراج شهادات ميلاد، والجنسية.
في بعض البلدان، هناك قواعد مختلفة لحصول النساء والرجال على بطاقات هوية وطنية:
  • في مصر، على سبيل المثال، يجب أن تتضمن بطاقة هوية المرأة المتزوجة اسم الزوج، بينما يُدون على بطاقة الرجل المتزوج حالته الاجتماعية.
  • وحتى عندما تُزال العقبات القانونية، فإن التغيير يمكن أن يكون بطيئا: في أفغانستان، ألغى تعديل قانوني عام 2010 شرط إحضار المرأة لشاهد ذكر من أجل تجديد وثيقة الهوية، بيد أن هذا لا يطبق بشكل دائم. كما تواجه النساء تحديات في تسجيل ميلاد أطفالهن.
  • ففي باربادوس وبوروندي وفيجي وإيران وناميبيا، لا يمكن للأم أن تسجل وليدها قانونيا إلا إذا كان الأب متوفيا أو غائبا أو عاجزا.
  • وفي اليونان أيضا، تقع المسؤولية القانونية على الأب؛ وفي غيابه يكون التسجيل مسؤولية الطبيب أو القابلة.
وبشكل عام، تواجه النساء عقبات عديدة عند التقدم لاستخراج جواز سفر. وفي حين أعلنت السعودية مؤخرا تطبيق إصلاحات في هذا الصدد، نجد أنه يتعين على المرأة المتزوجة في غابون وإيران الحصول على إذن كتابي من وليها الذكر أو زوجها كي تتمكن من استخراج جواز سفر لها. وفي اليمن والسودان، تُضاف المرأة على جواز السفر الخاص بزوجها بدلا من الحصول على جواز خاص بها. وفي العديد من البلدان، يتعين على المرأة المتزوجة أن تُدون اسم زوجها، وعلى غير المتزوجات أن يذكرن حالتهن الاجتماعية، بينما يُعفى الرجال المتزوجون وغير المتزوجين من ذلك.
وحتى عندما يتساوى الرجل والمرأة في الوثائق المطلوبة، فإنها يمكن أن تكون أكثر إرهاقا على النساء. على سبيل المثال، في انتخابات عام 2010 في بوركينا فاصو، كان التسجيل للتصويت يتطلب تقديم شهادة الميلاد، ومن لم تكن لديه شهادة كان يتعين عليه إحضار اثنين من الشهود، مثل الأم والقابلة، للشهادة على أنه ولد داخل البلاد. وهذا أمر أكثر صعوبة على المرأة لأنها، خلافا للرجال، تترك قريتها التي ولدت بها عند الزواج، ونتيجة لذلك، كان إقبال النساء على التصويت منخفضا على نطاق واسع.
وليست هناك أدلة على وجود فروق بين الجنسين فيما يتعلق بالعوائق غير القانونية أمام الحصول على بطاقة هوية. وتجري مبادرة الهوية من أجل التنمية في نيجيريا حاليا بحثا لمعرفة المزيد عن متى وكيف تبرز معوقات الحصول على بطاقة الهوية بسبب نوع الجنس.
وتمنع كثير من البلدان المرأة من منح الجنسية لأطفالهن أو لأزواجهن الأجانب، وهو حق يتمتع به الرجال جميعا تقريبا. وهذا من شأنه أن يطيل دورة الحرمان من الجنسية، بما لذلك من آثار عميقة، منها الحرمان من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. والنساء غير المتزوجات لا يمكنهن نقل الجنسية إلى أطفالهن بالطريقة نفسها التي يفعلها الرجال غير المتزوجين في 18 بلدا، وفي بروناي والكويت ولبنان وقطر فإن الأب فقط هو الذي يستطيع منح الجنسية لأطفاله. وفي الكويت وقطر والصومال، لا يُسمح للأم بنقل الجنسية إلى أطفالها المولودين خارج إطار الزواج أو المولودين لأب مجهول.
ويواجه اللاجئون عقبات إضافية في الحصول على إثبات الهوية الضروري للمطالبة بالحقوق القانونية والحصول على كل أنواع الخدمات في أغلب المجتمعات المضيفة  حيث كثيرا ما تكون الوثائق قد فُقدت نتيجة نزوحهم، ومن ثم يعانون لاستخراج وثائق جديدة. وهذا يؤثر على كثيرين: عدد الذين فروا من الحروب والاضطهاد والصراع العام الماضي تجاوز السبعين مليونا. في لبنان والأردن، واجه اللاجئون السوريون إجراءات طويلة ومعقدة لتسجيل وتوثيق المواليد. ولا تمتلك العديد من السوريات اللائي انفصلن عن أزواجهن في كثير من الأحيان الوثائق الضرورية لإثبات زواجهن وأبوة أطفالهن، وهو ما يمكن أن يجعل الطفل بلا وطن. 
وعلى صعيد كل هذه الجوانب المتعلقة بالهوية –جوازات السفر، وبطاقات الهوية، وشهادات الميلاد والجنسية- وجدنا أن القاسم المشترك في النجاح بين البلدان التي تمكنت من تغيير القوانين التمييزية هو:
  • وجود مدافعين على أعلى مستوى في الحكومة
  • ميل عام للأعراف الاجتماعية نحو المزيد من المساواة بين الجنسين،
  • ومشاركة المجتمع المدني، بما في ذلك قيادات من المنظمات النسائية.
الجزائر والبرازيل وكينيا والسنغال وسيراليون والسودان هي من البلدان التي حققت إصلاحات ناجحة في تنقية قوانين الجنسية من التمييز بين الجنسين.
ولهذه الإصلاحات آثار إيجابية بعيدة المدى: ففي باكستان تبين أن النساء اللائي يحملن بطاقات هوية رقمية بيومترية يتولد لديهن شعور أقوى بالهوية، ويتمتعن باحترام أكبر في أوساطهن العائلية، وقد زاد هذا من ثقتهن بأنفسهن في المشاركة بالآراء في إدارة شؤون أسرهن.
ولتسريع وتيرة هذا التقدم، من المهم حشد الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني لزيادة الوعي بتأثير القوانين التي تنطوي على تمييز بين الجنسين. وقد كانت الأعراف الدولية مهمة في تحفيز هذا التغيير، ولهذا فإن منظمات الأمم المتحدة بشكل خاص تلعب دورا مهما. كما ساهم مشروع المرأة وأنشطة الأعمال والقانون الذي أطلقته مجموعة البنك الدولي في تحفيز قوة الدفع نحو هذه الإصلاحات وذلك بزيادة الوعي بشأن الآثار الدائمة للتمييز.
يعد تذليل العقبات القانونية أمام المساواة بين الجنسين في الحصول على الهوية عنصرا مهما للغاية في تحقيق هدفي الحد من الفقر وتعزيز الرخاء المشترك.  وبدون السعي إلى تحسين مظلة أنظمة بطاقات الهوية، فإن تأثير الإجراءات الرامية إلى زيادة إتاحة الفرص الاقتصادية المتكافئة والحصول على الخدمات الحكومية، والشمول المالي سيكون محدودا.

شارك مع الاصدقاء