تعرف على مرض السكري بنوعيه (الأول والثاني) بالتفصيل، مع يوغيش كودفا، اختصاصي الغدد الصماء والحاصل على بكالوريوس الطب والجراحة، وهو من أبرز خبراء مؤسسة مايوكلينيك.
ما المقصود بمرض السكري؟
يشير داء السكري إلى مجموعة من الأمراض التي تؤثر على كيفية استهلاك الجسم لسكر الدم (الغلوكوز). والغلوكوز مصدر مهم لإمداد الطاقة إلى الخلايا التي تتكون منها العضلات والأنسجة. كما أنه المصدر الرئيسي لإمداد الدماغ بالطاقة.
يختلف السبب الرئيسي للإصابة بداء السكري باختلاف نوعه. لكن بصرف النظر عن نوع داء السكري لديك، فإنه يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستوى السكر في الدم. وبالتالي قد تؤدي الزيادة المفرطة في مستوى السكر بالدم إلى حدوث مشكلات صحية خطيرة.
تشمل حالات داء السكري المزمن النوعين الأول والثاني من داء السكري. وتشمل حالات داء السكري القابلة للعلاج مقدمات السكري والسكري الحملي. تحدث مقدمات السكري عند زيادة مستويات السكر في الدم عن المعدل الطبيعي. لكن هذه الزيادة لا تكون كبيرة بدرجة تجعلها تُشخَّص على أنها داء السكري. ويمكن أن تؤدي مقدمات السكري إلى الإصابة بداء السكري، ما لم تُتَّبع الخطوات اللازمة للوقاية منه. يحدث السكري الحملي أثناء الحمل، لكنه يختفي بعد الولادة.
الأعراض
تعتمد أعراض السكري على مدى ارتفاع مستوى السكر في الدم. وقد لا تظهر أعراض على بعض الأشخاص، وخصوصًا إذا كانت لديهم مقدمات السكري أو السكري الحملي أو السكري من النوع الثاني. أما في حال الإصابة بالسكري من النوع الأول، فإن الأعراض عادة ما تظهر بسرعة وتكون أشدّ.
من أعراض السكري من النوع الأول والنوع الثاني:
الشعور بالعطش أكثر من المعتاد.
كثرة التبول.
فقدان الوزن من دون قصد.
وجود كيتونات في البول. والكيتونات أحد النواتج الثانوية لتكسُّر العضلات والدهون الذي يحدث عندما لا يكون هناك ما يكفي من الأنسولين في الجسم.
الشعور بالتعب والضعف.
سهولة الاستثارة أو غيرها من التقلبات المزاجية.
الرؤية الضبابية.
بطء التئام القروح.
الإصابة بالكثير من حالات العدوى، مثل حالات عدوى اللثة والجلد والمهبل.
يمكن أن تبدأ الإصابة بالسكري من النوع الأول في أي سن. لكنه يظهر غالبًا في مرحلة الطفولة أو المراهقة. أما السكري من النوع الثاني وهو النوع الأكثر شيوعًا فقد تبدأ الإصابة به في أي سن. وتشيع الإصابة بالسكري من النوع الثاني بين الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 40 عامًا. لكن حالات مرض السكري من النوع الثاني في الأطفال آخذة في التزايُد.
متى تزور الطبيب؟
إذا كنت تعتقد أنك أنت أو طفلك مصاب بداء السكري. إذا لاحظت أيًّا من الأعراض المحتملة لداء السكري، فتواصل مع طبيبك. كلما شُخِّصت الحالة المرضية مبكرًا، كان بدء العلاج أسرع.
إذا شُخِّصت حالتك بالفعل كمريض بداء السكري. بعد معرفة تشخيص حالتك، ستحتاج إلى متابعة طبية دقيقة حتى تستقر مستويات السكر في الدم.
طلب تحديد موعد
الأسباب
لفهم داء السكري، من المهم فهم كيفية استخدام الجسم للغلوكوز عادةً.
كيفية عمل الأنسولين
الأنسولين هو هرمون تنتجه غدة تقع خلف المعدة وتحتها (البنكرياس).
يفرز البنكرياس الأنسولين في مجرى الدم.
ينتشر الأنسولين ليسمح بدخول السكر إلى الخلايا.
يخفض الأنسولين كمية السكر الموجودة في مجرى الدم.
مع انخفاض مستوى السكر في الدم، ينخفض أيضًا إفراز الأنسولين من البنكرياس.
دور الغلوكوز
الغلوكوز أو السكر هو مصدر رئيسي لإمداد الطاقة إلى الخلايا التي تتكون منها العضلات والأنسجة الأخرى.
يأتي الغلوكوز من مصدرين رئيسيين، وهما: الطعام والكبد.
يُمتص السكر في مجرى الدم؛ حيث يدخل إلى الخلايا بمساعدة الأنسولين.
يخزِّن الكبد الغلوكوز وينتجه.
وعندما تكون مستويات الغلوكوز منخفضة، مثلما يحدث عندما لا تتناول الطعام لفترة طويلة، يكسّر الكبد الغليكوجين المُخزَّن ويحوله إلى غلوكوز. ويحافظ ذلك على مستوى الغلوكوز ضمن النطاق الطبيعي.
لا يُعرَف حتى الآن السبب الدقيق للإصابة بغالبية أنواع داء السكري. يتراكم السكر في مجرى الدم في جميع الحالات. ويرجع ذلك إلى عدم إفراز البنكرياس كمية كافية من الأنسولين. قد تحدث الإصابة بالنوعين الأول والثاني من داء السكري بسبب مجموعة من العوامل الوراثية أو البيئية. ولم تتضح هذه العوامل بعد.
عوامل الخطر
تتوقف عوامل خطر الإصابة بداء السكري على نوعه. ويؤدي التاريخ المرضي العائلي دورًا في جميع الأنواع. يمكن كذلك أن تزيد العوامل البيئية والطبيعة الجغرافية من خطر الإصابة بداء السكري من النوع الأول.
أحيانًا ما يخضع أفراد عائلات المصابين بداء السكري من النوع الأول للفحوص بحثًا عن وجود خلايا مناعية مضادة لداء السكري (أجسام مضادة ذاتية). إذا كانت لديك هذه الأجسام المضادة الذاتية، فعندئذ تكون من الفئات الأكثر عرضة للإصابة بداء السكري من النوع الأول. لكن ليس كل من لديه هذه الأجسام المضادة الذاتية يتعرض للإصابة بالسكري.
يمكن أيضًا أن يزيد الانتماء لأصل عرقي أو إثني معين من احتمال الإصابة بداء السكري من النوع الثاني. فبعض الأشخاص، ومنهم ذوي البشرة السوداء وذوي الأصول الإسبانية والهنود الأمريكيين والأمريكيين من أصول آسيوية، أكثر عرضة للإصابة به، رغم عدم معرفة سبب ذلك بوضوح.
تشيع كذلك الإصابة بمقدمات داء السكري وداء السكري من النوع الثاني والسكري الحملي بين أصحاب الوزن الزائد أو المصابين بالسمنة.
المضاعفات
تتطور المضاعفات طويلة الأمد لمرض السكري تدريجيًا. كلما طالت فترة الإصابة بالسكري — وكان معدل السكر في دمك أقل — زاد خطر حدوث مضاعفات. وفي النهاية، قد تؤدي مضاعفات مرض السكري إلى الإعاقة أو حتى تهدد الحياة. في الواقع، يمكن أن تؤدي مقدمات السكري إلى الإصابة بداء السكري من النوع الثاني. تتضمن المضاعفات المحتملة:
مرض القلب والأوعية الدموية. يزيد مرض السكري بشكل كبير من خطر الإصابة بكثير من مشكلات القلب. ويمكن أن تشمل تلك الأمراض مرض الشريان التاجي مع آلام في الصدر (الذبحة الصدرية) والنوبات القلبية والسكتة الدماغية وتضيق (تصلب) الشرايين. إذا كنت مصابًا بالسكري، فأنت أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب أو السكتة الدماغية.
تلف الأعصاب الناتج عن السكري (اعتلال الأعصاب السكري). تضر نسبة السكر الزائدة بجدران الأوعية الدموية الصغيرة (الشعيرات الدموية) المغذية للأعصاب، وخاصة في الساقين. وقد يُسبب ذلك الشعور بنخر أو خَدر أو حرق أو ألم يبدأ عادةً في أطراف أصابع القدم أو أصابع اليدين وينتشر تدريجيًا إلى الأعلى.
يمكن أن يُسبب تلف الأعصاب المرتبطة بالهضم مشكلات كالغثيان أو القيء أو الإسهال أو الإمساك. وبالنسبة إلى الرجال، فقد يؤدي ذلك إلى ضعف الانتصاب.
تلف الكلى الناتج عن السكري (اعتلال الكلية السكري). تحتوي الكلية على ملايين تجمعات الأوعية الدموية الدقيقة (الكُبيبات) التي تنقي الفضلات من الدم. ويمكن أن يضر داء السكري بنظام الترشيح الدقيق في الكلى.
تلف العين الناتج عن السكري (اعتلال الشبكية السكري). قد يضر داء السكري بالأوعية الدموية الموجودة بالعين. ويمكن أن يؤدي هذا إلى العمى.
تلف القدم. يزيد تلف الأعصاب في القدم أو ضعف تدفق الدم إلى القدم من خطر الإصابة بكثير من المضاعفات في القدمين.
أمراض الجلد والفم. قد يجعلك داء السكري أكثر عرضة للإصابة بمشكلات الجلد، بما في ذلك العدوى البكتيرية والفطرية.
ضعف السمع. تشيع الإصابة بمشكلات السمع أكثر بين المصابين بداء السكري.
داء الزهايمر. قد يزيد مرض السكري من النوع الثاني من خطر الإصابة بأمراض الخرف، مثل داء الزهايمر.
الاكتئاب المرتبط بداء السكري. تَشيع أعراض الاكتئاب لدى المصابين بداء السكري من النوعين الأول والثاني.
مضاعفات سُكَّري الحمل
تلد أغلب النساء المصابات بالسكري الحملي أطفالاً أصحاء. لكن مستويات السكر العالية وغير المعالَجة في الدم قد تسبب مشكلات لكِ ولطفلكِ.
قد تظهر مضاعفات على الطفل نتيجةً لإصابتكِ بالسكري الحملي، وتشمل ما يلي:
النمو الزائد. يمكن أن يمر الغلوكوز الزائد عبر الـمَشيمة. ويحفز هذا الغلوكوز الزائد بنكرياس طفلكِ على إنتاج المزيد من الأنسولين. وقد يزيد هذا من نمو طفلك أكثر من اللازم. ويسبب الولادة المتعسرة وأحيانًا الحاجة إلى إجراء عملية قيصرية.
انخفاض سكر الدم. يُصاب أطفال الأم المصابة بالسكري الحملي في بعض الأحوال بانخفاض في سكر الدم بعد الولادة بوقت قصير. ويرجع هذا إلى ارتفاع إنتاج الأنسولين لديهم.
الإصابة بالنوع الثاني من السكري في مرحلة عمرية لاحقة. يتعرض أطفال الأمهات المصابات بالسكري الحملي بشكل أكبر لخطر الإصابة بالسمنة وداء السكري من النوع الثاني في مرحلة عمرية لاحقة.
الوفاة. قد يؤدي عدم معالجة السكري الحملي إلى وفاة الرضيع، سواء قبل الولادة أو بعدها بفترة قصيرة.
قد تظهر أيضًا مضاعفات على الأم نتيجة الإصابة بالسكري الحملي، ومنها ما يلي:
مقدمات الارتعاج. تشمل أعراض الإصابة بهذه الحالة ارتفاع ضغط الدم، ووجود كميات زائدة من البروتين في البول، وتورم الساقين والقدمين.
السكري الحملي. إذا أُصبتِ بالسكري الحملي مرة، فمن الأغلب أنكِ ستُصابين به في الحمل القادم.
الوقاية
لا يمكن تفادي الإصابة بداء السكري من النوع الأول. ولكن خيارات نمط الحياة الصحي التي تساعد على علاج مقدمات السكري وداء السكري من النوع الثاني والسكري الحملي قد تفيد أيضًا في الوقاية من هذه الأمراض، وتشمل هذه الخيارات ما يلي:
تناوُل أطعمة صحية. اختر أطعمة منخفضة الدهون والسعرات الحرارية وغنية بالألياف. وركِّز على تناول الفاكهة والخضروات والحبوب الكاملة. وتناوَل مجموعة متنوعة من الأطعمة لتجنُّب الشعور بالملل.
ممارسة المزيد من الأنشطة البدنية. احرص على ممارسة الأنشطة الهوائية المعتدلة لمدة 30 دقيقة تقريبًا كل يوم خلال معظم أيام الأسبوع. أو اجعل هدفك ممارسة الأنشطة الهوائية المعتدلة لمدة 150 دقيقة أسبوعيًا. على سبيل المثال، استمتع بنزهة سريعة يوميًا. وإذا كان التمرين لمدة طويلة لا يناسبك، فقسِّم مدة التمرين إلى فترات أقصر على مدار اليوم.
التخلص من الوزن الزائد. إذا كان وزنك زائدًا، فيمكنك تقليل خطر الإصابة بداء السكري بإنقاص 7% من وزن جسمك. على سبيل المثال، إذا كنت تزن 200 رطل (90.7 كيلوغرامًا)، فإن إنقاص 14 رطلاً (6.4 كجم) من وزنك يمكن أن يقلل خطر الإصابة بمرض السكري.
لكن يجب تجنب إنقاص الوزن أثناء الحمل. وعلى الحامل أن تتحدث إلى الطبيب بشأن زيادة الوزن المناسبة لصحتها أثناء فترة الحمل.
ولإبقاء وزنك ضمن النطاق الصحي، ركّز على استحداث تغييرات على المدى الطويل في عادات تناول الطعام وممارسة الرياضة. تذكّر فوائد إنقاص الوزن، مثل المحافظة على صحة القلب والحصول على المزيد من الطاقة وتعزيز الرضا عن النفس.
تكون الأدوية في بعض الأحيان من ضمن الخيارات المتاحة. وقد تقلل أدوية السكري الفموية مثل الميتفورمين (Glumetza، وFortamet، وغيرهما) خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري. لكن تُعد خيارات نمط الحياة الصحي مهمة. إذا كنت مصابًا بمقدمات السكري، فافحص نسبة السكر في الدم مرة كل عام على الأقل للتأكد من عدم إصابتك بالنوع الثاني من مرض السكري.