.. the life is Nice ..
 

الأمين العام للأمم المتحدة: رياح الجنون تجتاح العالم

 
دافع الأمين العام للأمم المتحدة في مؤتمر صحفي عقده في نيويورك اليوم عن قرارات مجلس الأمن "التي يتم انتهاكها" بشكل مستمر. وقال إنه بصدد الدفع باتجاه كسر الحلقات المفرغة في عالم السلام والأمن التي تطيل أمد الصراعات وتجعلها أكثر فتكا وعرضة للاندلاع في المقام الأول.
واعتبر الأمين العام، أنطونيو غوتيريش، أن "رياح الجنون" تهب في جميع أنحاء العالم، وقال "لقد تحدثتُ مؤخرا عن رياح الأمل، ولكن اليوم تهب رياح الجنون في جميع أنحاء العالم، من ليبيا إلى اليمن إلى سوريا وأبعد من ذلك. والتصعيد يطل برأسه من جديد، فالأسلحة تتدفق والهجمات تتزايد."
وأضاف أن قرارات مجلس الأمن لا تُحترم حتى قبل أن يجف حبرها. "وكما نرى فإن المشكلات تغذي بعضها البعض. ومع تعثر الاقتصادات، يبقى الفقر راسخا، وبينما تبدو الآفاق المستقبلية قاتمة، فإن الخطابات الشعبوية والقومية تحظى باهتمام كبير."
ما يحدث في ليبيا محبط
ويأتي المؤتمر الصحفي تزامنا مع تصاعد العنف في شمال غرب سوريا، ومع الأنباء المتعلقة بعدم احترام حظر الأسلحة في ليبيا وخرق القرارات التي اتُخذت في برلين من قبل طرفي النزاع في ليبيا.
وردّا على أسئلة الصحفيين بشأن الوضع في ليبيا، قال الأمين العام "أنا محبط جدا بسبب ما يحدث في ليبيا، وأعتقد أن ما يجري هو فضيحة. فقد حضرت عدّة دول إلى برلين وأعلنت التزامها بعدم التدخل في العملية الليبية أو نقل أسلحة أو المشاركة بأي شكل من الأشكال في القتال."
وأكد الأمين العام انتهاك قرار حظر الأسلحة وقال "لا نزال نرى طائرات تصل إلى مصراتة وبنغازي ولم نشاهد أي توقف لعدم احترام قرار الحظر. أما بالنسبة للهدنة فقد صمدت عدة أيام والآن تم خرقها. ما نشهده هو غير مقبول على الإطلاق ويتم استهداف الكثير من المدنيين ونرى أفواجا من النازحين اليائسين، كل الالتزامات التي قُطعت، قُطعت دون نية بتنفيذها."
أزمة إنسانية في سوريا
وفيما يتعلق بالتصعيد في شمال غرب سوريا، قال الأمين العام ردّا على أسئلة الصحفيين، "كنا واضحين في تعبيرنا عن قلق بالغ إزاء التصعيد في سوريا ونطالب بوقف المعارك. لا نؤمن بوجود حل عسكري وقلنا أكثر من مرة إن الحل سياسي، ويجب الدفع قدما بالعملية السياسية".
وقد اشتدت المعارك بين الجيشين السوري والتركي. ويرى الأمين العام أن هذا التطور يغيّر من طبيعة الصراع ويثير القلق الشديد. وأضاف "أدعو بشدة إلى وقف القتال وتهيئة جميع الظروف لتقديم المساعدات الإنسانية مع نزوح نحو نصف مليون شخص بسبب الهجمات الأخيرة وارتفاع حجم الاحتياجات الإنسانية."
خطة السلام الأمريكية
وحول الإعلان الأمريكي بشأن صفقة السلام، قال الأمين العام "إن موقفنا واضح نحن أوصياء على القرارات الأممية والقانون الدولي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. ونؤكد التزامنا بحل الدولتين ودعم الإسرائيليين والفلسطينيين للتوصل إلى عملية سلمية والتوصل إلى حل دولتين قائم على القانون الدولي والقرارات الدولية وحدود 1967، ولم نغير موقفنا."
اليمن: تحديات قائمة
وفي الشأن اليمني، وردّا على سؤال عن السبيل للمضي قدما بعد "موت" اتفاق استكهولم، قال الأمين العام "إنني لا أعتبر أن الاتفاق قد مات، ولكنه في العناية المركزة وفي وضع حرج. غير أن المسار لم ينقطع. وعملية الرصد لا تزال قائمة. هناك وقف لإطلاق النار، يتم احترامه إلى حد ما، رغم بعض الصعوبات. هذا جانب واحد فقط. لقد تجشعت كثيرا بخفض التصعيد في هجمات الحوثيين على السعودية، والسعودية أيضا تحد من تحركاتها العسكرية. وأنا أتابع المفاوضات العملية السياسية فيما يتعلق بالجنوب. ولكن رأينا تصعيدا جديدا في الأيام الأخيرة ونبذل قصارى جهدنا لعكس هذا التصعيد وخلق الظروف لحوار سياسي حقيقي."
العراق: عملية سياسية مهمة
وفيما يتعلق بالتطورات على الساحة العراقية، قال الأمين العام إنه ينبغي احترام حقوق الإنسان للمتظاهرين بالكامل، وأضاف قائلا "إن المسؤولة الأممية (جنين هينيس-بلاسخارت) محقة بشأن أهمية أن يأخذ الرئيس زمام المبادرة لحل الأزمة السياسية ولكن في نفس الوقت شددنا على الحاجة إلى خلق الظروف للمواطنين لكي يمارسوا حقهم في التظاهر السلمي وإسماع أصواتهم."
وأضاف الأمين العام أن العراق يُعتبر أولوية ويجب الحفاظ على الظروف التي تسمح له بالقيام بوظائفه الطبيعية كدولة. وإحدى الشروط هي أن يكون السلاح بيد الدولة فقط والجيش والشرطة التابعة للدولة. ولكنه أشار إلى وجود الميليشيات في العراق، قائلا إنها "أسوأ الأطراف التي تنتهك حقوق الإنسان. ومن المهم تجنب التدخلات الخارجية التي تزيد من صعوبة وحدة العراقيين مع العلم أن الانقسامات عميقة ومخاطر انهيار الدولة كبيرة."
لبنان: مطالب مشروعة
وفيما يتعلق بلبنان، قال غوتيريش، إن لبنان دولة مهمة واستقرارها مهم من أجل استقرار المنطقة بأسرها. "لبنان مثال على التعايش بين مختلف المجتمعات الدينية وهذا بحد ذاته مساهمة مهمة للعالم بأكمله. لبنان يواجه أزمة سياسية معقدة، وكانت مطالب الشارع واضحة وهي أن النظام السياسي القائم لم يعد يلبي طموحات ورغبات الناس وشواغلهم."
وأشار الأمين العام إلى أنه يتابع تعبير الشارع اللبناني عن كثب والرغبة في محاربة الفساد. وقال "يواجه لبنان أزمة اقتصادية ومالية. وهذه أزمة حقيقية تتسبب بزيادة الفقر وانعدام الاستقرار." وأكد أن لبنان يحتل أولوية بالنسبة للأمم المتحدة أيضا.
عام 2020 علامة فارقة
وقال الأمين العام في كلمته إن التوترات كانت مرتفعة في نهاية العام الماضي. "ولكننا كنا نسير في الاتجاه الصحيح في العديد من المناطق الساخنة. رأينا علامات على تراجع التصعيد وبعض التقدم. لقد تغيّر كل هذا."
وشدد غوتيريش على أن عام 2020 يمثل علامة فارقة بالنسبة للأمم المتحدة فهي الذكرى الـ 75 على تأسيسها. وأضاف "أريد أن تصغي الأمم المتحدة (إلى الناس)، في هذه الذكرى السنوية. لدى الناس الكثير ليقولونه، والقلق الدائر في الشوارع والساحات حول العالم دليل على أن الناس يريدون أن يسمعوا أصواتهم، ويريدون من قادة العالم أن يستجيبوا لقلقهم من خلال العمل الفعّال."
وأوضح الأمين العام أن جميع المواقف مختلفة، ولكن ثمة شعور بعدم الاستقرار المتزايد وحالات توتر قصوى، ما يجعل كل شيء غير قابل للتنبؤ ولا يمكن التحكم به مع زيادة خطر سوء التقدير. وقال إنه سيضغط هذا العام باتجاه كسر الحلقات المفرغة من المعاناة والصراع، وسيحث على زيادة قوية لدبلوماسية السلام، معلنا عن مشاركته في قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا نهاية الأسبوع المقبل.
أزمة المناخ
وتحدث الأمين العام عن تفاقم أزمة المناخ. وقال "مع ارتفاع حرارة المحيطات، تذوب الثلوج ونفقد الخدمة الحيوية التي تؤديها المسطحات الجليدية وهو عكس أشعة الشمس وهذا ما يزيد من سخونة المحيط. ومع ذوبان الثلوج وارتفاع حرارة المحيطات يرتفع منسوب البحر ويتبخر المزيد من الماء، مما يؤدي إلى زيادة هطول الأمطار ويهدد المدن الساحلية والدلتا."
ولكن رغم ذلك، أكد الأمين العام على وجود زيادة في الوعي إزاء المخاطر، وزيادة حجم الاستثمارات فيما يتعلق بالمناخ.

شارك مع الاصدقاء